فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله تعالى: {كَلاَّ} مفعول لما بعده وتقديمه عليه للقصر لا بالنسبة إلى غيرهما بل بالنسبة إلى أحدهما أي كل واحد منهما {هَدَيْنَا} لا أحدهما دون الآخر، وقيل: المراد كلا من الثلاثة، وعليه الطبرسي.
واختار كثير من المحققين الأول لأن هداية إبراهيم عليه السلام معلومة من الكلام قطعا وترك ذكر المهدي إليه لظهور أنه الذي أوتى إبراهيم عليه السلام فإنهما متعبدان به.
وقال الجبائي: المراد هديناهم بنيل الثواب والكرمات.
{وَنُوحًا} قال شيخ الإسلام: منصوب بمضمر يفسره {هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} ولعله إنما لم يجعله مفعولًا مقدمًا للمذكور لئلا يفصل بين العاطف والمعطوف بشيء أو يخلو التقديم عن الفائدة السابقة أعني القصر ولا يحلو ذلك عن تأمل أي من قبل إبراهيم عليه السلام ونوح كما قال الجواليقي أعجمي معرب زاد الكرماني: ومعناه بالسريانية الساكن، وقال الحاكم في المستدرك: إنما سمي نوحًا لكثرة بكائه على نفسه واسمه عبد الغفار، والأول: أثبت عندي، وأكثر الصحابة رضي الله تعالى عنه كما قال الحاكم أنه عليه السلام كان قبل إدريس عليه السلام.
وذكر النسابون أنه ابن لمك بفتح اللام وسكون الميم بعدها كاف ابن متوشلخ بفتح الميم وتشديد المثناة المضمومة بعدها واوًا ساكنة وفتح الشين المعجمة واللام والخاء المعجمة ابن أخنوخ بفتح المعجمة وضم النون الخفيفة وبعدها واو ساكنة ثم معجمة وهو إدريس فيما يقال.
وروى الطبراني عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: «قلت يا رسول الله من أول الأنبياء؟ قال: آدم عليه السلام قلت: ثم من؟ قال نوح عليه السلام: وبينهما عشرة قرون» وهذا ظاهر في أن إدريس عليه السلام كان بعد وفاة آدم عليه السلام لم يكن قبله وذكر ابن جرير أن مولده عليه السلام بمائة وستة وعشرين عامًا.
وذكره سبحانه هنا قيل لأنه لما ذكر سبحانه إنعامه على خليله من جهة الفرع ثنى بذكر إنعامه عليه من جهة الأصل فإن شرف الوالد سار إلى الولد، وقيل: إنما ذكره سبحانه لأن قومه عبدوا الأصنام فذكره ليكون له به أسوة، وأما أنه ذكر لما مر فلا إذ لا دلالة على علاقة الأبوة ليقبل ودلالة {مِن قَبْلُ} على ذلك غير ظاهرة.
وقنع بعضهم بالشهرة عن ذلك.
{وَمِن ذُرّيَّتِهِ} الضمير عند جمع لإبراهيم عليه السلام لأن مساق النظم الجليل لبيان شؤونه وما منَّ الله تعالى به عليه من إيتاء الحجة ورفع الدرجات وهبة الأولاد الأنبياء وإبقاء هذه الكرامة في نسله كل ذلك لإلزام من ينتمي إلى ملته من المشركين واليهود، واختار آخرون كونه لنوح عليه السلام لأنه أقرب ولأنه ذكر في الجملة لوطًا عليه السلام وليس من ذرية إبراهيم بل كان ابن أخيه كما سيأتي إن شاء الله تعالى آمن به وشخص معه مهاجرًا إلى الشام فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم، وكذلك يونس عليه السلام لم يكن من ذريته فيما ذكر محيي السنة فلو كان الضمير له لاختص بالمعدودين في هذه الآية والتي بعدها، وأما المذكورون في الآية الثالثة فعطف على {نُوحًا} ولا يجب أن يعتبر في المعطوف ما هو قيد في المعطوف عليه، ولا يضر ذكر إسماعيل هناك وإن كان من ذرية إبراهيم عليهما السلام لأن السكوت عن إدراجه في الذرية لا يقتضي أنه ليس منهم وإنما لم يعد كما قال بعض المحققين: في موهبته كإسحاق كانت في كبره وكبر زوجته فكانت في غاية الغرابة، وذكر يعقوب لأن إبقاء النبوة بطنًا بعد بطن غاية النعمة، ولم يعطف {كُلًا هَدَيْنَا} لأنه مؤكد لكونه نعمة.
ومن الناس من ادعى أن يونس عليه السلام من ذرية إبراهيم عليه السلام وصرح في جامع الأصول إنه كان من الأسباط في زمن شعيا، وحينئذ يبقى لوط فقط خارجًا ولا يترك له إرجاع الضمير على إبراهيم وجعله مختصًا بالمعدودين في الآيات الثلاث لأنه لما كان ابن أخيه آمن به وهاجر معه أمكن أن يجعل من ذريته على سبيل التغليب كما قال الطيبي.
وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن هؤلاء الأنبياء عليهم السلام كلهم مضافون إلى ذرية إبراهيم وإن كان منهم من لم يلحقه بولادة من قبل أم ولا أب لأن لوطًا ابن أخي إبراهيم والعرب تجعل العم أبًا كما أخبر الله تعالى عن أبناء يعقوب أنهم قالوا: {نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} [البقرة: 133] مع أن إسماعيل عم يعقوب.
والجار والمجرور متعلق بفعل مضمر مفهوم مما سبق، وقيل: بمحذوف وقع حالًا من المذكورين في الآية واختير الأول أي وهدينا من ذريته.
{دَاوُودُ} هو كما قال الجلال السيوطي ابن إيشا بكسر الهمزة وسكون الياء المثناة التحتية وبالشين المعجمة ابن عوبر بمهملة وموحدة بوزن جعفر ابن عابر بموحدة ومهملة مفتوحة ابن سلمون بن يخيثون بن عمي بن يارب بتحتية وآخره باء موحدة ابن رام بن حضرموت بمهملة ثم معجمة بن فارص بفاء وآخره مهملة بن يهوذا بن يعقوب.
قال كعب: كان أحمر الوجه سبط الرأس أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت والخلق وجمع له بين النبوة والملوك: ونقل النووي عن المؤرخين أنه عاش مائة سنة ومدة ملكه منها أربعون وله اثنا عشر ابنًا.
{وسليمان} ولده، قال كعب: كان أبيض جسيمًا وسيمًا وضيئًا جميلًا خاشعًا متواضعًا كان أبوه يشاوره في كثير من أموره في صغر سنه لوفور عقله وعلمه، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه ملك الأرض، وعن المؤرخين أنه ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ملكه بأربع سنين وتوفي وله ثلاث وخمسون سنة، وتقديم المفعول الصريح للاهتمام بشأنه مع ما في المفاعيل من نوع طول ربما يخل تأخيره بتجاوب النظم الكريم {وَأَبُّوبَ} قال ابن جرير: هو ابن موص بن روم بن عيص بن إسحاق.
وقيل: ابن موص بن تارخ بن روم الخ، وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام وأن أباه ممن آمن بإبراهيم فهو قبل موسى عليه السلام؛ وقال ابن جرير: إنه كان بعد شعيب، وقال ابن أبي خيثمة كان بعد سليمان، وروى الطبراني أن مدة عمره كانت ثلاثًا وتسعين سنة {وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ} وهو على الصحيح المشهور ابن يعقوب بن إبراهيم؛ ويشهد له ما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».
عاش مائة وعشرين سنة وفيه ست لغات تثليث السين مع الياء والهمز والصواب أنه أعجمي لا اشتقاق له.
{وموسى} وهو ابن عمران ابن يصهر بن ماهيث بن لاوي بن يعقوب ولاخلاف في نسبه وهو اسم سرياني.
وأخرج أبو الشيخ من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إنما سمي موسى لأنه ألقي بين شجر وماء فالماء بالقبطية مو والشجر شا، وفي الصحيح وصفه بأنه آدم طوال جعد كأنه من رجال شنوءة وعاش كما قال الثعلبي مائة وعشرين سنة {وهارون} أخوه شقيقه، وقيل: لأمه، وقيل: لأبيه فقط حكاهما الكرماني في عجائبه مات قبل موسى عليهما السلام وكان ولد قبله بسنة وفي بعض أحاديث الإسراء: «صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته أبيض ونصفها أسود تكاد تضرب سرته من طولها فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: المحبب في قومه هارون بن عمران» وذكر بعضهم أن معنى هارون بالعبرانية المحبب.
{وَكَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين} قيل: أي نجزيهم مثل ما جزينا إبراهيم عليه السلام برفع درجاته وكثرة أولاده والنبوة فيهم، والمراد مطلق المشابهة في مقابلة الإحسان بالإحسان والمكافآت بين الأعمال والأجزية من غير بخس لا المماثلة من كل وجه لأن اختصاص إبراهيم صلى الله عليه وسلم بكثرة النبوة في عقبه أمر مشهور.
واختار بعض المحققين كون التشبيه على حد ما تقدم في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 341] ونظائره، وأل في {المحسنين} للعهد، والإظهار في موضع الإضمار للثناء عليهم بالإحسان الذي هو عبارة عن الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المقارن لحسنها الذاتي، وقد فسره صلى الله عليه وسلم بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» والجملة اعتراض مقرر لما قبلها. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}.
إننا نعرف أن إسحاق هو الابن الثاني لسيدنا إبراهيم بعد إسماعيل، ويعقوب ابن إسحاق، وساعة ترى الهِبَة افهم أنها ليست هي الحق، فالهبة شيء، والحق شيء آخر. الهبة. إعطاء معطٍ لمن لا يستحق؛ لأنك حين تعطي إنسانًا ما يستحقه فليس ذلك هبة بل حقًا.
والحق سبحانه وتعالى يوضح: إياكم أن تعتقدوا أن أحدًا من خلقي له حتى عندي إلا ما أجعله أنا حقًا له، ولكن كل شيء هِبة مني. والقمة الأولى في الهبات والعطايا هي قمة السيادة الأولى في الكون للإنسان، ثم التكاثر من نوعية الذكر والأنثى، حيث الذرَّية من البنين والبنات. يقول سبحانه: {لِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذكور} [الشورى: 49].
فهبة الأولاد لا تأتي من مجرد أنه خلق الرجل والمرأة، وأنّ اللقاء بينهما يوجد الأولاد بل يقول سبحانه: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 50].
فلو أن المسألة مجرد إجراء ميكانيكي لجاء الأولاد، لكن الأمر ليس كذلك؛ فمن يفهم في الملكوت تطمئن نفسه أن ذلك حاصل عن حكمة حكيم يعرف أنها هبة من الله، حتى العقم هو هبة أيضًا؛ فالذي يستقبله من الله على أنه هبة ويرضاه، ولم ينظر إلى أبناء الغير بحقد أو بحسد سيجعل الله كل من تراه أبناء لك بدون تعب في حمل أو ولادة، وبدون عناية ورعاية منك طول عمرك. ومن يرض بهبة الله من الإناث سيجد أنهن رزق من الله ويبعث له من الذكور من يتزوج الإناث ويكونون أطوع له من أبنائه؛ لأنه رضي. إذن لابد أن تأخذ الهبة في العطاء، والهبة في المنع.
والحق يوضح: أنا وهبت لإبراهيم إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، والإنسان منا يعرف أن الإنسان بواقع أقضية الكون ميّت لا محالة، وحين يكبر الإنسان يرغب في ولد يصل اسمه في الحياة وكأنه ضمن ذلك، فإن جاء حفيد يكون الجد قد ضمن نفسه جيلًا آخر. ولكن لنعرف قول الحق: {المال والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46].
وبقاء الذِّكْرِ في الدنيا لا لزوم له إن كان الله يحط من قدر الإنسان في الآخرة!!
ونلحظ أن الحق قال في موقع آخر: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ واجعله رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5- 6].
وامتن الله على إبراهيم لا بإسحاق فقط بل بيعقوب أيضًا، وفوق ذلك قال: {كُلًا هَدَيْنَا} أي أنهما كانا من أهل الهداية. {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ} أي أن الهداية لا تبدأ بإسحاق ويعقوب، بل بنوح من قبل: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
في {وهبنا} وجهان:
أصحهما: أنها مَعْطُوفةٌ على الجملة الاسمية من قوله: {وتِلْكَ حُجَّتُنَا} وعطف الاسْمِيَّة على الفعلية وعكسه جائز.
والثاني: أجازه ابن عطيَّة، وهو أن يكون نَسَقًا علت {آتَيْنَاهَا} ورَدَّهُ أبُو حيَّان بأن {آتَيْنَاهَا} لها مَحَلٌّ من الإعراب، إمَّا الحال، وهذه لا مَحَلَّ لها؛ لأنها لو كانت مَعْطُوفَةً على الخَبَر أو الحال لاشترط فيها رابط، و{كُلًا} مَنْصُوبٌ بـ {هَدَيْنَا} بعده.
والتقدير: وكلّ واحدٍ من هؤلاء المذكورين.
قوله: {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْل} فالمُرَادُ أنَّهُ تعالى جعل إبراهيم في أشْرَفِ الأنْسَابِ؛ لأنه رَزَقَهُ أوْلادًا مثل إسحاق ويعقوب، وجعل أنبياء بني إسرائيل من نَسْلِهِمَا، وأخرجه من أصْلابِ آباءِ طَاهِرينَ مثل نوح وشيث وإدريس، والمقصود بيانُ كرامَةِ إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- بحسب الأولاد والآباء.
قوله: {من ذُرِّيتِهِ} الهاء فيها وجهان:
أحدهما: أنها تعود على نُوح؛ لأنه أقْرَبُ مذكور، ولأنَّ إبراهيم ومن بعده من الأنبياء كلهم مَنْسُوبُون إليه، ولأنه ذّكر من جملتهم لُوطًا، وهو كان ابن أخي إبراهيم أو أخته، ذكره مَكِّي وغيره، وما كان من ذُرِّيَّتِهِ، بل كان من ذُرِّيَّةِ نُوحٍ عليه السلام، وكان رسولًا في زمن إبراهيم.
وأيضًا: يونس- عليه الصَّلاة والسَّلام- ما كان من ذُرِّيَّةِ إبراهيم.
وأيضًا قيل: إنَّ ولد الإنسان لا يُقالُ: إنَّهُ ذُرِّيَّةٌ، فعلى هذا إسماعيل- عليه الصلاة والسلام- ما كان من ذُرِّيَّةِ إبراهيم.
الوجه الثاني: أنها تعود على إبراهيم؛ لأنه المحدث عنه والقِصَّةٌ مَسُوقَةٌ إلى ذكره وخبره، وإنما ذكر نوحًا، لأن إبراهيم كونه من أولاده أحد موجبات رَفْعِهِ إبراهيم.
ولكن رُدَّ هذا القَوْلُ بما تقدَّم من كون لوط ليس من ذُرِّيَّتِهِ إنما هو ابن أخيه أو أخته ذكر ذلك مكي وغيره.
وقد أجيب عن ذلك فقال ابن عباس: هؤلاء الأنبياء كلهم مُضَافُونَ إلى ذُرِّيَّةِ إبراهيم، وإن كان فيهم من لم يلحقه بولادةٍ من قبلِ أمِّ ولا أبٍ؛ لأن لُوطًا ابن أخي إبراهيم، والعربُ تجعلُ العَمَّ أبًا، كما أخبر اللَّهُ تعالى عن ولدِ يعقوب أنهم قالوا: {نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: 133]
وقال أبو سليمان الدِّمَشْقِيُّ: ووهَبْنَا لَهُ لُوطًا في المُعَاضَدةِ والمُناصَرَةِ، فعلى هذا يكون لوطًا منصوبًا بوَهْبَنَأ من غير قَيْدٍ؛ لكونه من ذُرِّيَّتِهِ.
وقوله: داود وما عطف عليه مَنْصُوبٌ إما بفعل الهِبَةِ، وإما بفعل الهداية.
و{مِنْ ذُرِّيَّتِهِ} يجوز فيها وجهان:
أحدهما: أنه متعلّق بذلك الفعل المحذوف، وتكون مِنْ لابتداء الغاية.
والثاني: أنها حال أي: حال كون هؤلاء الأنبياء مَنْسُوبِينَ إليه.
قوله: {وكذَلِكَ نَجْزِي} الكاف في مَحَلِّ نَصْبٍ نعتًا لمصدر محذوف، أي: نجزيهم جَزَاءً مِنْلَ ذلك الجَزَاء، ويجوز أن يكون في مَحَلِّ في رفع، أي الأمر كذلك، وقد تقدَّم ذلك في قوله: {وكَذَلِكَ نُرِى إبْرَاهِيمَ}. اهـ. باختصار.